للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جميع هذه الجمل معناها في الجملة الأخيرة وهي قوله تعالى: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨) لأن الإشارة في قوله: {ذَلِكَ} شاملة لكل من الشرك والقتل والزنى، فبرجوعه للأخيرة رجع للكل. فظهر أن أبا حنيفة لم يخالف فيها أصله.

ولأجل هذا الأصل المقرر في الأصول، لو قال رجل: "هذه الدار حبس على الفقراء والمساكين وبني زهرة وبني تميم، إلا الفاسق منهم" فإنه يخرج فاسق الكل عند المالكية والشافعية والحنابلة، خلافًا للحنفية القائلين: يخرج فاسق الأخيرة فقط.

وعلى هذا، فاحتجاج داود الظاهري بهذه الآية الأخيرة جارٍ على أصول المالكية والشافعية والحنابلة.

قال مقيده -عفا اللَّه عنه-: التحقيق في هذه المسألة هو ما حققه بعض المتأخرين، كابن الحاجب من المالكية، والغزالي من الشافعية، والآمدي من الحنابلة، من أن الحكم في الاستثناء الآتي بعد متعاطفاتٍ هو الوقفُ وأن لا يحكم برجوعه إلى الجميع ولا إلى الأخيرة.

وإنما قلنا إن هذا هو التحقيق لأن اللَّه تعالى يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية [النساء/ ٥٩]، وإذا رددنا هذا النزاع إلى اللَّه وجدنا القرآن دالًّا على قول هؤلاء -الذي ذكرنا أنه هو التحقيق- في آيات كثيرة:

منها: قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ

<<  <   >  >>