ووجه الجمع في ذلك هو مابيَّنه ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- لما سئل عن قوله: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} مع قوله: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (٤٢)}، وهو أن ألسنتهم تقول: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} فيختم اللَّه على أفواههم وتشهد أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون، فكَتْمُ الحق باعتبار اللسان، وعدمُه باعتبار الأيدي والأرجل.
وهذا الجمع يشير إليه قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥)} [يس/ ٦٥].
وأجاب بعض العلماء بتعدد الأماكن؛ فيكتمون في وقت ولا يكتمون في وقت آخر. والعلم عند اللَّه تعالى.
لا تعارض بينه وبين قوله تعالى:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[النساء/ ٧٩].
والجواب ظاهر، وهو: أن معنى قوله: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ} أي: مطر وخصب وأرزاق وعافية، يقولوا: هذا أكرمنا اللَّه به، {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} أي: جدب وقحط وفقر وأمراض، يقولوا: هذا من عندك، أي: من شؤمك يا محمد، وشؤم ما جئت به. قل لهم: كل ذلك من اللَّه.