ومعلومٌ أن اللَّه هو الذي يأتي بالمطر والرزق والعافية، كما أنه يأتي بالجدب والقحط والفقر والأمراض والبلايا.
ونظير هذه الآية قول اللَّه في فرعون وقومه مع موسى:{وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ}[الأعراف/ ١٣١]، وقوله تعالى في قوم صالح مع صالح:{قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} الآية [النمل/ ٤٧]، وقول أصحاب القرية للرسل الذين أرسلوا إليهم:{قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ} الآية [يس/ ١٨].
وأما قوله:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} أي: لأنه هو المتفضل بكل نعمة، {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} أي: منْ قِبَلك، ومِنْ قِبَلِ عملك أنت، إذ لا تصيب الإنسان سيئة إلا بما كسبت يداه، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} [الشورى/ ٣٠].
وسيأتي -إن شاء اللَّه- تحرير المقام في قضية أفعال العباد بما يرفع الإشكال في سورة الشمس، في الكلام على قوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)} [الشمس/ ٨]. والعلم عند اللَّه تعالى.
قيد في هذه الآية الرقبة المعتقة في كفارة القتل خطأً بالإيمان، وأطلق الرقبة التي في كفارة الظهار واليمين عن قيد الإيمان، حيث قال في كل منها:{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}[المجادلة/ ٣، المائدة/ ٨٩] ولم يقل: "مؤمنة".