وهذه المسألة من مسائل تعارض المطلق والمقيد، وحاصل تحرير المقام فيها أن المطلق والمقيد لهما أربع حالات:
الأولى: أن يتفق حكمهما وسببهما، كآية الدم التي تقدم الكلام عليها، فجمهور العلماء يحملون المطلق على المقيد في هذه الحالة التي هي اتحاد السبب والحكم معًا، وهو أسلوب من أساليب اللغة العربية؛ لأنهم يثبتون ثم يحذفون اتكالًا على المثبت، كقول الشاعر وهو قيس بن الخطيم:
نحن بما عندنا وأنت بما عنـ ... ـدك راضٍ والرأي مختلف
فحذف "راضون" لدلالة "راض" عليها.
ونظيره -أيضًا- قول ضابئ بن الحارث البرجمي:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله ... فإني وقيارًا بها لغريب
وقول عمرو بن أحمر الباهلي:
رماني بأمر كنت منه ووالدي ... بريئًا ومن أجل الطويِّ رماني
وقال بعض العلماء: إن حمل المطلق على المقيد بالقياس. وقيل: بالعقل. وهو أضعفها. واللَّه تعالى أعلم.
الحالة الثانية: أن يتحد الحكم ويختلف السبب، كما في هذه الآية؛ فإن الحكم متحد وهو عتق رقبة، والسبب مختلف وهو قتل خطأٍ وظهارٌ مثلًا، ومثل هذا المطلق يحمل على المقيد عند الشافعية والحنابلة وكثير من المالكية، ولذا أوجبوا الإيمان في كفارة الظهار