ويدل لحمل هذا المطلق على المقيد قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في قصة معاوية بن الحكم السلمي:"أعتقها فإنها مؤمنة"، ولم يستفصله عنها هل هي كفارة أو لا؟ وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال. قال في "مراقي السعود":
ونزلنَّ ترك الاستفصال ... منزلة العموم في الأقوال
الحالة الثالثة: عكس هذه، وهي الاتحاد في السبب مع الاختلاف في الحكم. فقيل: يحمل فيها المطلق على المقيد.
وقيل: لا. وهو أكثر العلماء.
ومثاله: صوم الظهار وإطعامه، فسببهما واحد وهو الظهار، وحكمهما مختلف؛ لأن هذا صوم وهذا إطعام، وأحدهما مقيد بالتتابع وهو الصوم، والثاني مطلق عن قيد التتابع وهو الإطعام، فلا يحمل هذا المطلق على هذا المقيد.
والقائلون بحمل المطلق على المقيد في هذه الحالة مثلوا له بإطعام الظهار، فإنه لم يقيد بكونه قبل أن يتماسَّا، مع أن عتقه وصومه قيِّدا بقوله:{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، فيحمل هذا المطلق على المقيد، فيجب كون الإطعام قبل المسيس.
ومثَّل له اللخمي بالإطعام في كفارة اليمين، حيث قُيِّدَ بقوله:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ}[المائدة/ ٨٩]، وأطلق الكسوة عن القيد بذلك حيث قال:{أَوْ كِسْوَتُهُمْ}، فيحمل المطلق على المقيد،