الحالة الرابعة: أن يختلفا في الحكم والسبب معًا. ولا حَمْلَ فيها إجماعًا، وهو واضح. وهذا فيما إذا كان المقيد واحدًا.
أما إذا ورد مقيدان بقيدين مختلفين فلا يمكن حمل المطلق على كليهما؛ لتنافي قيديهما، ولكنه ينظر فيهما، فإن كان أحدهما أقرب للمطلق من الآخر حُمِلَ المطلق على الأقرب له منهما عند جماعة من العلماء، فيقيد بقيده، وإن لم يكن أحدهما أقرب له فلا يقيد بقيد واحد منهما، ويبقى على إطلاقه؛ لاستحالة الترجيح بلا مرجح.
مثال كون أحدهما أقرب للمطلق من الآخر: صوم كفارة اليمين، فإنه مطلق عن قيد التتابع والتفريق، مع أن صوم الظهار مقيد بالتتابع، وصومٍ التمتع مقيد بالتفريق، واليمين أقرب إلى الظهار من التمتع؛ لأن كلًّا من اليمين والظهار صوم كفارة بخلاف صوم التمتع، فيقيد صوم كفارة اليمين بالتتابع عند من يقول بذلك، ولا يقيد بالتفريق الذي في صوم التمتع.
وقراءة ابن مسعود:"فصيام ثلاثة أيام متتابعات" لم تثبت؛ لإجماع الصحابة على عدم كتب "متتابعات" في المصحف.
ومثال كونها ليس أحدهما أقرب للمطلق من الآخر: صوم قضاء رمضان، فإن اللَّه قال فيه:{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة/ ١٨٤]، ولم يقيده بتتابع ولا تفريق، مع أنه قيد صوم الظهار بالتتابع وصوم التمتع بالتفريق، وليس أحدهما أقرب إلى قضاء رمضان من الآخر، فلا يقيد