للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد تقرر في علم الأصول أن الأعمَّيْن من وجهٍ يتعارضان في الصورة التي يجتمعان فيها، فيجب الترجيح بينهما، والراجح منهما يقدَّم ويخصَّص به عموم الآخر، كما قدمنا في سورة النساء في الجمع بين قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} [النساء/ ٢٣] مع قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون/ ٦]، وكما أشار له صاحب "مراقي السعود" بقوله:

وإن يك العموم من وجه ظهر ... فالحكم بالترجيح حتمًا معتبر

فإذا حققت ذلك، فاعلم أن العلماء اختلفوا في هذين العمومين أيهما أرجح؟

فالجمهور على ترجيح الآيات المحرمة، وهو مذهب الشافعي ورواية عن مالك، ورواه إسماعيل بن سعيد عن الإمام أحمد، كما ذكره صاحب "المغني"، وهو قول ابن عمر وربيعة، كما نقله عنهما البغوي في "تفسيره"، وذكره النووي في "شرح المهذب" عن علي وعائشة.

ورجح بعضهم عموم آية التحليل بأن اللَّه أحل ذبائحهم وهو أعلم بما يقولون. كما احتج به الشعبي وعطاء على إباحة ما أهلوا به لغير اللَّه.

قال مقيده -عفا اللَّه عنه-: الذي يظهر -واللَّه تعالى أعلم- أن عموم آيات المنع أرجح وأحق بالاعتبار من طرق متعددة:

منها: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والإثم

<<  <   >  >>