ما حاك في النفس" الحديث، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".
ومنها: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما تقرر في الأصول.
وينبني على ذلك أن النهي إذا تعارض مع الإباحة -كما هنا- فالنهي أولى بالتقديم والاعتبار؛ لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام.
بل صرح جماهير من الأصوليين بأن النص الدال على الإباحة في المرتبة الثالثة من النص الدال على نهي التحريم؛ لأن نهي التحريم مقدم على الأمر الدال على الوجوب؛ لما ذكرنا من تقديم درء المفاسد على جلب المصالح، والدالُّ على الأمر مقدم على الدال على الإباحة؛ للاحتياط في البراءة من عهدة الطلب.
وقد أشار إلى هذا صاحب "مراقي السعود" في مبحث الترجيح باعتبار المدلول بقوله:
وناقل ومثبت والآمر بعد ... النواهي ثم هذا الآخر
على الإباحةِ. . . . ... . . . . . . . . . .
فإن معنى قوله: "والآمر بعد النواهي" أن ما دل على الأمر بعد ما دل على النهي، فالدال على النهي هو المقدم. وقوله: "ثم هذا الآخر على الإباحة" يعني: أن النص الدال على الأمر مقدم على الإباحة