للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرنا نظير هذا غير مرة وبينا أن قول الجهمية يستلزم الجمع بين النقيضين وأن يكون موجوداً معدوماً معبوداً غير معبود مأموراً بعبادته منهياً عنها فحقيقته أمر بعبادة العدم المحض والنفي الصرف وترك عبادة الله سبحانه وهذا رأس الكفر وأصله وهو لازم لهم لزوماً لا محيد عنه وإذا كان فيه إيمان لا يقصد ذلك لكن الذي ابتدع هذا النفي ابتداءً وهو عالم بلوازمه كان من أعظم المنافقين الزنادقة المعطلين للصانع ولعبادته ودعائه ولهذا تجد هذا السلب إنما يقع كثيراً من متكلمي الجهمية الذين ليس فيهم عبادة لله ولا إنابة إليه وتوجه إليه وإن صلوا صلوا بقلوب غافلة وإن دعوه دعوه بقلوب لاهية لا تحقق قصد المعبود المدعو فإنها متى صدقت في العبادة والدعاء اضطرت إلى قصد موجود يكون بجهة منها فتنتقل حينئذ إلى حال عباد الجهمية فتجعله في كل مكان أو الوجود المطلق ويتوجه بقلبه إلى الجهات الست فبينما هو كان في نفيه عن الجهات الست صار مثبتاً له في الجهات الست وهذا حال

<<  <  ج: ص:  >  >>