الجهمية دائماً يترددون بين هذا النفي العام المطلق وهذا الإثبات العام المطلق وهم في كليهما حائرون ضالون لا يعرفون الرب الذي أمروا بعبادته وكل من جرب نفسه وامتحنها من المؤمنين علم من نفسه علماً يقينياً ضرورياً يجده من نفسه كما يجد حبه وبغضه ورضاه وغضبه وفرحه وحزنه أنه متى صدق في عبادة الله ودعائه والتوجه إليه بقلبه لزم أن يقصده بجهة منه فإن كان على فطرته التي فطر عليها أو ممن هو مع ذلك مؤمن بما جاءت به الرسل قصد الجهة العالية وإن كان ممن غيرت فطرته قصد الجهات كلها وقصد ك موجود فلهذا قال الشيخ أبو جعفر الهمذاني لأبي المعالي ما قال عارف قط يا ألله إلا وجد من قلبه ضرورة تطلب الجهة العالية لا تلتفت يمنة ولا يسرة فتبين أن قوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {٥} بل وقوله اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {٦} لا يصدق في قول ذلك إلا من يقر أن الله فوقه ومن لم يقر بذلك يكون فيه نفاق عنده قصد بلا مقصود وعبادة بلا معبود حقيقي وإن كان مثبتاً له من بعض الوجوه لكن قلبه لا يكون مطمئناً إلى إله يعبده ويوضح ذلك أن عبادة القلب وقصده وتوجهه حركة منه