وأوّلاً مثل تسميته عليًّا وظاهرًا وكونه دهرًا بمعنى تقدُّمه مثل كونه محلاًّ للصفات بمعنى موصوف بها فهو سبحانه الغني بقدمه وقيامه بنفسه عن غيره من زمان ومكان وغيرهما وإذا قيل الموجود إما أن يكون متقدمًا على غيره أو محدثًا بعده فهو كما لو قيل الموجود إما أن يكون عاليًا على غيره بائنًا عنه أو يكون داخلاً فيه محايثًا له قائمًا به فالمتقدم على غيره مستغنٍ كاستغناء القائم بنفسه عن القائم بغيره والمحدث بعد العدم مستلزم لزمانٍ أو تقدير مكانٍ يكون هو بعده والقائم بغيره مستلزم لمكانِ محل هو فيه والقديم المطلق مستغنٍ عن الزمان والقائم بنفسه مستغنٍ عن المكان والمحدث بعد غيره مقارن للزمان المفتقر بمقارنة حادث لحادث والقائم بغيره مفتقر إلى المكان والمحل وهو سبحانه الأول فليس قبله شيء بل هو قبل الأزمنة وما فيها وهو الظاهر فليس فوقه شيء بل هو فوق الأمكنة وما فيها ومن قال هو في الأمكنة المخلوقة فهو بمنزلة من قال ليس ذاته قبل الأزمنة وذلك لا تنفصل ذاته عنها ولا تكون ذاته فوقها فهو بمنزلة من قال هو مع الأزمنة المخلوقة مقارن لها لا تكون ذاته قبلها ولا يتقدم عليه والأول جحود لكونه الظاهر فوقها وهذا جحود لكونه الأول قبلها