ومن قال ليس في الأمكنة ولا خارجًا عنها فهو كمن قال ليس مقارنًا للأزمنة ولا متقدمًا عليها وكل من هذين المقالين من مقالات الجهمية لكن الأولى أقرب إلى العقل وهي قولهم في الابتداء يقولون إنه في كل مكان فيجعلونه بمنزلة الحال فيها المحتاج إليها هو نظير قول من قال مقارن للأزمنة المحدثة فيكون هؤلاء قد جعلوه داخلاً في المخلوقات والمحدثات بل زادوا حتى جعل الاتحادية منهم نفسَ وجود المخلوقات فهؤلاء أقروا به ثم جعلوه هو المخلوق أو بعض المخلوق وإذا قال هو في العالم لا مباين له ولا مماس له كان كقولهم هو مع العالم لا متقدم عليه ولا مقارن له وأما الجهمية في الانتهاء فإنهم عطَّلوه بالكلية ولم يثبتوا له وجود المخلوقات ولا غيرها حيث قالوا لا هو داخل العالم ولا خارجه كما لو قالوا لا هو مع العالم ولا قبله ليس بين هذا وبين هذا فرق في بديهة العقل ومن أجاب عن هذا بأن العقل الصريح يأبى تقسيم الموجود إلى ما لا يكون حاصلاً في الحيز وإلى ما يكون فهو بمنزلة من قال العقل الصريح لا يأبى تقسيم الموجود إلى ما لا يكون