حاصلاً في الذهن وإلى ما يكون وإذا كان هذا لا يمنع ما يعلمه العقل بفطرته من أنه إما أن يكون وجوده مقارنًا للعالم أو متقدمًا عليه فكذلك ما ذكره في الحيز لا يمنع ما يعلمه العقل من فطرته من أنه إما أن يكون وجوده داخل العالم محايثّا له أو خارجًا عنه مباينًا له وكما لا يُعقل موجود إلا قديم أو محدث فلا يعقل إلا قائمًا بنفسه أو بغيره وكما أن القديم ينقسم إلى القديم المطلق الذي لا يجوز عدمه وإلى القديم المقيد وهو المسبوق بالعدم أو الممكن عدمه فالقائم بنفسه ينقسم إلى المحتوم المطلق وهو الذي لا يجوز عدمه ولا يحتاج إلى غيره بحال وإلى القائم المقيد وهو المحتاج إلى غيره والذي يقوم في وقت ويعدم في وقت وكما أن المخلوق القديم قديمٌ مقيدٌ إذا كان متقدمًا على غيره فالخالق القديم أولى بأن يكون متقدمًا على غيره ويكون هو الأول الذي ليس قبله شيء الكائن قبل كل شيء فالمخلوق القائم بنفسه قائمًا مقيدًا لحاجته إلى غيره إذا كان مباينًا لغيره فالخالق للعالم قائم بنفسه قيامًا مطلقًا أولى أن يكون مباينًا لغيره وأن يكون هو الظاهر الذي ليس فوقه شيء والجهمية من المتكلمين يقولون هو القديم والعالم