محدث مع قولهم إنه في كل مكان أو أنه مع ذلك لا مباين للعالم ولا مماس له أو قولهـ م إنه لا داخل العالم ولا خارجه وأما الجهمية من المتفلسفة والصابئة فيقولون مع ذلك إن العالم أيضًا قديم معه مقارن له في الوجود مقارنة المعلول لعلته التامة والمتولّد لمولِّده كتولُّد الصوت عن الحركة والشعاع عن الشمس ومع هذا يقولون إن الباري تعالى متقدم عليه بالغلبة وبالذات أو بالطبع وبالشرف وقد يقولون العالم محدث بمعنى افتقار إلى الصانع وعند التحقيق فلا يثبتون له تقدمًا حقيقيًّا كما أنهم وجهمية المتكلمين لا يُثبتون له عليه علوًّا حقيقيًّا ومباينة معقولة وذلك أن هؤلاء قالوا التقدم والتأخر خمسة أنواع الأول التقدم بالعلية كتقدُّم السراج على ضوء السراج وتقدم الشمس على شعاعها فإن العقل يدرك تقدم وجود السراج على ضوء السراج وإن امتنع تأخُّر أحدهما عن الآخر في الزمان