بما فيه من الاختصاص والمقادير والصفات والأزواج المتنوعة كما قال وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {٤٩}[الذاريات ٤٩] فإن مبدع العالم إن كان علة موجبة بنفسه وهو واحد بسيط امتنع أن يصدر عنه أمور مختلفة على أصلهم وإن لم يكن كذلك كان فاعلاً بمشيئته واختياره ما يختاره من المفعولات وحينئذ فيمتنع أن يقال الحركة هي الموجبة للحوادث لأن الحركة إنما تحدث عنها مع بقية الحركات المختلفة لأن حركات الأفلاك مختلفة كما أن الأفلاك مختلفة ومعلوم أن حركة التاسع ليست الموجبة للحركة التي تخلفها في الثامن فإن قيل إنها توجب الحركة التي ترادفها إذ للثامن وغيره من الأفلاك حركة تخصُّه وحركة تابعة لحركة التاسع فالحركات إذاً مختلفة والمتحركات مختلفة والمعلولات المختلفة تستلزم عللاً مختلفة إذ العلة الواحدة من كل وجه لا تُوجِب معلولين مختلفين ولايقال ذلك بحسب القوابل لأن الكلام في القوابل المختلفة كالكلام في الحركات المختلفة وهذه المختلفات من الفاعل والقوابل لاتكون صادرة عن علة واحدة فيقتضي الصدور عن فاعل حي ذي صفات ومشيئة يفعل بها وهذا ضد ما يقولونه من أنه واحد لايصدر عنه إلا الواحد فإن هذا الواحد الذي أثبتوه ونفوا عنه الصفة والقدر وسموا ذلك تركيباً وكثرة قد تبرهن في غير هذا الموضع بالوجوه الكثيرة