للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقول له أنتم تزعمون أنكم عقلاء العالم وأذكياء الخلق وتقولون مثل هذا الكلام الذي لايقوله أضعف الناس عقلا وأورد عليه مثل هذا الكلام فأقول العقل الأول إن كان واحداً من جميع الجهات فلا يصدر عنه إلا واحد لايصدر عنه عقل ونفس وفلك وإن كان فيه كثرة فقد صدر عن الواحد أكثر من واحد ولو قيل تلك الكثرة هي أمور عدمية فالأمور العدمية لايصدر عنها وجود ثم إذا جوَّزوا صدور الكثرة عن العقل الواحد باعتبارٍ ما فليجوِّزوا صدورَها عن المبدع الأول بمثل ذلك الاعتبار بدون هذه الواسطة كقولهم باعتبار وجوبه صدر عنه عقل وباعتبار وجوده صدر عن نفس وباعتبار إمكانه صدر عنه فلك فإن هذه الصفات وإن كانت أموراً ثبوتية فقد صدر عن الواحد أكثر من واحد وإن كانت إضافة أو سلباً أو مركباً منهما فالمبدع الأول عندهم يتصف بالسلب والإضافة والمركب منهما فبطلانُ كلامهم في هذا المقام الذي هو أصل توحيدهم يظهر من وجوه كثيرة متعددة تبيَّن فيها أن القوم من أجهل الخلق وأضلهم وأبعدهم عن معرفة الله وتوحيده فإن عوام اليهود والنصارى الذين لم نوافقهم أعلم بالله من خواص هؤلاء الفلاسفة المبدلين الصابئين وقد بينا في غير هذا الموضع أن ما يذكرونه من المجردات المفارقات إنما أصله ما تصوروه من الكليات الذهنية المجردة

<<  <  ج: ص:  >  >>