وقد ذكرنا فيما تقدم، أن نفي المماثلة بين الخالق والمخلوق، مما علم بالشرع والعقل، وذلك لا يقتضي إثبات ما يعلم بالبديهة انتفاؤه، أو إثبات موجود لا داخل العالم ولا خارجه، فهو أيضًا يقتضي انتفاء مماثلة الخالق للمخلوق، كما بيناه فيما تقدم؛ إذ التماثل يقتضي أن يجوز ويجب ويمتنع لكل منهما، ما يجوز ويجب ويمتنع للآخر، فيلزم أن يكون الشيء الواحد خالقًا مخلوقًا، قديمًا محدثًا، موجودًا معدومًا، واجبًا ممكنًا، قادرًا عاجزًا، عالمًا جاهلًا، غنيًّا فقيرًا، حيًّا ميتًا؛ ولهذا كان هذا مذهب السلف قاطبة، يثبتون هذه الصفات الخبرية، وينفون التمثيل، وكانوا ينكرون على المشبهة، الذين يمثلون الله بخلقه، وهم على الجهمية، الذين ينكرونـ[ـه] أعظم نكيرًا، وأشد تضليلًا وتكفيرًا، وكلامهم في ذلك أكثر وأكبر.
وأما لفظ «الجسم» و «الجوهر» و «المتحيز» و «المركب» و «المنقسم» فلا يوجد له ذكر في كلام أحد من السلف، كما لا يوجد له ذكر في الكتاب والسنة لا بنفي ولا إثبات، إلا بالإنكار على الخائضين في ذلك من النفاة، الذين نفوا ما جاءت به