يقولون يعلم بالاضطرار أن كل ما هو قائم بنفسه لايكون إلا جسماً كما يقول هؤلاء يعلم بالضرورة أن ما يكون جسماً لايكون إلا مؤلفاً وقد قدمنا فيما تقدم أنه إذا كانت كل طائفة مصيبة فيما تذكره من العلم الضروري فخطأُ المثبتة أقل من خطأ النفاة في الشرع والعقل فإن المثبتة أثبتت ما علم بالفطرة والشرعة من أن الله فوق العالم وقد وافقها على ذلك سلف الأمة وأئمتها وغايتهم أنهم نفوا بعضهم لوازم ذلك وأما النفاة فإنهم نفوا ما علم بالفطرة والشرعة ثبوته وادَّعَوا وجود موجود يعلم بالفطرة عدمه وأخرجوه عن النقيضين وأثبتوا له النقيضين فكانوا أكثر تناقضاً وتعطيلاً ونفياً للحق وإذا كان كل من العلمين ضروريًّا لزم المعنى الذي سموه تأليفاً وتركيباً واستعمالنا في هذا الموضع وفي غيره لفظ الضرورة مثل قولنا معلوم بالضرورة وبالاضطرار وهذا من العلوم الضرورية ومما يضطر الإنسان إلى العلم به ونحن مضطرون إلى العلم بكذا ونحو ذلك من باب المخاطبة لهم بلغتهم وعرفهم واصطلاحهم وهذا الاصطلاح قد اشتهر حتى صار ظاهراً في ألسنة أهل العلم من عامة الطوائف والذي يضطر إليه الإنسان