قد يكون علماً وقد يكون عملاً وقد يراد بالاضطرار إليه وجوده بغير اختياره وقد يراد احتياجه إلى وجوده فإن هذا في الأصل مشتق من الضرر وهذا اللفظ جاء في كتاب الله تعالى متضمناً هذا المعنى كما قال تعالى وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦)[البقرة ١٢٦] وقال أيضاً فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ [البقرة ١٧٣] فحذف فاعل اضطر لأن الجوع هو الذي اضطره يعني جعله محتاجاً إلى ذلك والجوع ضرر وهناك يضطر إلى العذاب بمعنى يلجأ إليه بغير اختياره والعذاب هو الضر ر فتارة يكون الضرر من جهة السبب المضطر وتارة من جهة الغاية التي يضطر إليها لكن لما كان هذا متضمناً معنى الإلجاء والاضطهاد والإكراه ونحو ذلك مما فيه عدم الاختيار استعمله هؤلاء فيما يوجد بغير اختيار الإنسان من العلم وإن لم يكن هنالك ضرر وما يوجد بغير اختياره وتارة لا يكون له فيه اختيار أصلاً وتارة يكون مختاراً له من وجه دون وجه كالمضطر إلى الإطعام ولهذا ما كان من القسم الأول سموه ضروريًّا بلا نزاع وما كان من القسم الثاني سماه بعضهم ضروريًّا ولم يسمه بعضهم ضروريًّا بل سماه كسبيًّا