حكم شرعي بخطاب جديد، أو بيان انقضاء زمن العمل به؛ لأن ما ألقاه الشيطان ليس بحكم حتى يكون رفعه نسخًا شرعيًّا، بل هو باطل أبطله اللَّه وأزاله.
والعلماء مختلفون في أصل قصة الغرانيق هل هي باطلة أو ثابتة.
فعلى القول ببطلانها فالأمر واضحٌ، وعلى القول بثبوتها فمعنى إلقاء الشيطان على لسان النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أنه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ القرآن يرتله ترتيلًا تتخلله سكتات، فراقب الشيطان بعض سكتات النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم، ثم حاكى قراءته صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم بقوله -عليه لعنة اللَّه-: "تلك الغرانيق العلى، وإن شفعاتهن لترتجى" فظن المشركون صوت الشيطان صوت النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم.
وهذا الجواب عن قصة الغرانيق على القول بثبوتها هو أحسن الأجوبة عنها، وارتضاه جمعٌ من المحققين من أجوبةٍ كثيرةٍ.
وحجة القائل بأن قصة الغرانيق باطلةٌ اضطراب رواتها، وانقطاع سندها، واختلاف ألفاظها، بعضهم يقول: إن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم كان في الصلاة. وبعضهم يقول: قرأها وهو في نادي قومه. وآخر يقول: قرأها وقد أصابته سِنَةٌ. وآخر يقول: بل حدث نفسه فجرى ذلك على لسانه. وآخر يقول: إن الشيطان قالها على لسان النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم، وأن النبي لما عرضها على جبريل قال: ما هكذا أقرأتك. . . إلى غير ذلك من اختلاف ألفاظها.