لمناسبة غير مناسب، فليس للمستدل إقامة الدليل على كونه مناسبًا، لأنه انتقالٌ من مسلك السبر إلى مسلك المناسبة والإخالة، لكن له ترجيح سبره على سبر المعترض، بأن يبين أن الوصف المستبقي في سبره متعدٍّ من الأصل المقيس عليه إلى فرعه، وأن الوصف في سبر المعترض قاصر، أي غير متعدٍّ من الأصل إلى فرعه، فالعلة القاصرة عندهم هي غير المتعدية إلى الفرع، والمتعدي أولى من القاصر.
وذَكَرَ الرهوني أن المستدل لو قال: لو لم يكن الوصف مناسبًا لزم التعبد بالحكم، والأصل خلافه، كان حسنًا.
وأما حصر أوصاف المحل فيكفي فيه قول المجتهد العدل:"بحثت فلم أجد فُوهِمَ مناسبة غير هذا الذي ذكر له من الأوصاف"؛ لعدالته مع أهلية النظر فيه، فيندفع عنه بذلك منع الحصر. وغير العدل لا يكفيه أن يقول ما ذكر؛ لأن قوله لا يقبل شرعًا، والمراد عدل الرواية لأن هذا إخبار محض، ولكن له الدفع بالاستدلال على الحصر كأن يقول:"العلة في الإجبار في النكاح إما البكارة، وإما الجهل بالمصالح"، فيمنع المعترض الحصر، فيحتج المستدل بالإجماع على نفي التعليل بغيرهما.
ويكفي في حصر الأوصاف في المحل أيضًا أن يقول المستدل:"الأصل عدم غير ما ذكرت من الأوصاف"؛ فإن أبدى المعترض وصفا زائدًا على الأوصاف التي ذكرها المستدل، فلا يكلف المعترض ببيان صلاحيته للتعليل، فإن المستدل لم يعتقد في صلاحية ما ادعاه إلا حصر الأوصاف التي ذكر في الأصل، وإبطال ما عدا المستبقى،