ووجود وصف زائد على ما ادعى يخرم بمجرده دليله، غير ألا يكون منقطعًا بمجرد إظهار المعترض الوصف الزائد على الأوصاف التي حصرها المستدل، حتى يعجز عن إبطال صلاحية ذلك الوصف للعلية، لأنه إن أظهر إبطاله ما ضرَّ وجوده؛ لأن وجود ما لا يصلح للعلية كعدمه. وذكر ولي الدين قولًا: أنه ينقطع بمجرد إظهار الوصف الزائد لظهور بطلان ما ادعاه من الحصر.
والسبر والتقسيم مركب من أمرين: أحدهما: الحصر، والثاني: الإبطال، فإذا بطل أحدهما بطل الدليل، لأن الماهية المركبة تنخرم بانخرام بعض أجزائها، وقد يتفق الخصمان على إبطال ما عدا وصفين، فيكفي المستدل التردد بين علته وعلة خصمه اكتفاءً بالاتفاق منهما على إبطال ما سواهما، وإذا أبطل علة خصمه صحت علته، مثل أن يتفق الشافعي مع الحنفي أن العلة في الربا الطعم أو التقدير، لا غير ذلك، فإذا استدل على إبطال أحدهما، صح التعليل بالآخر.
ومثال "السبر والتقسيم" أن يقول المستدل في علة ربا الفضل مثلًا: هي إما الطعم، أو الأقتيات، أو التقدير بالكيل والوزن، ثم يستدل على إبطال اثنين، فيتعين كون الثالث علة.
واعلم أن مدار "السبر والتقسيم" على أمرين، وهما: الحصر والإبطال كما تقدم، فإذا كانا قطعيين كان قطعيًّا، وإذا كان ظنيين أو أحدهما ظنيًا فالسبر والتقسيم ظني.
واعلم أن العلماء مختلفون في الاحتجاج "بالسبر والتقسيم" الظني على مذاهب: