أحدها -وهو قول الأكثر، واختاره القاضي أبو بكر-: أنه حجة مطلقًا. قال الفهري: وهو الأظهر، لأنه يغلب على الظن بأن الحكم لا يخلو غالبًا عن علة، وأن علته لا تعدو أوصاف محله، وإذا ظهر بطلان ما سوى المستبقى غلب على الظن أنه العلة.
الثاني: أنه غير حجة؛ لاحتمال إبطال المستبقى بسبب احتمال عدم الحصر، أو عدم الإبطال.
الثالث -وبه قال إمام الحرمين-: أن شرط كونه حجة انعقاد الاجماع على تعليل الحكم في الأصل على الجملة، وإلا فلا؛ لاحتمال أن يكون تعبدًا.
قال الفهري: ما ذكره إمام الحرمين محتمل إلا أنه خلاف الأصل. يعني أن الأصل في الأحكام -أي الغالب فيها- المعقولية لا التعبد، فإلحاقه بالأغلب أولى من إلحاقه بالنادر.
الرابع: أنه حجة للناظر لنفسه دون المناظر غيره، لأن ظنه لا يكون حجة على خصمه.
وأجاب في "الآيات البينات" عن هذا: بأنه ليس من باب التقليد، بل من باب إقامة الدليل على الغير، وإن لم يفد إلا مجرد الظن؛ لوجوب العمل بالدليل الظني، ولا فرق في كون الظني حجة بين الناظر بنفسه والمناظر غيره.
وإلى هذه التحقيقات التي ذكرنا في مباحث "السبر والتقسيم" أشار في "مراقي السعود" بقوله: