فالحاصل أن القسمة رباعية، وهي أن الوصف المناسب للعلية ينقسم من حيث اعتبار الشرع له في ربط الأحكام وعدم اعتباره إلى أربعة أقسام: مؤثرة، وملائم، وغريب، ومرسل.
وبرهان الحصر في هذه الأقسام الأربعة أن الوصف المذكور إما أن يدل الدليل على اعتباره في الحكم، وإما أن يدل على عدم اعتباره فيه، وإما أن لا يدل على اعتباره فيه ولا على عدمه.
فهذه ثلاثة أقسام بالتقسيم الصحيح لا رابع لها، وواحد منها ينقسم إلى قسمين، وهو ما دل الدليل فيه على اعتبار الحكم في الوصف؛ لأنه مؤثر أو ملائم، فالمؤثر ما دل الدليل فيه على اعتبار العين في العين، أي نوع الوصف في نوع الحكم، والملائم ما دل الدليل فيه على اعتبار النوع في الجنس، أو الجنس في النوع، أو الجنس في الجنس.
فإذا حققت أن القسم الأول من الأقسام الثلاثة ينقسم إلى مؤثر وإلى ملائم، فاعلم أن القسمين الآخرين هما: الغريب والمرسل. فالغريب: ما دل الدليل على عدم اعتباره، والمرسل: ما لم يدل الدليل على اعتباره ولا على عدمه.
وتركنا إيضاح الأقسام الثلاثة غير المرسل -أعني المؤثر والملائم، والغريب- لعدم تطبيقنا لها على أمثلتها، لأنها ليست من غرض السائل، وإنما ذكرناها استطرادًا في التقسيم.
وإلى هذا التحقيق أشار في "مراقي السعود" مع بيان أجناس