للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفاعل الذي هو المحب، وأسند الفعل المبني له إلى الزمان فصار "نام ليله"، وهذا هو معنى كونه مجازًا، ثم سبك من الفعل اسم فاعل، وأخبر به عن الليل فقيل: "ليل المحب نائم" فإسناد النوم إلى الليل مجازٌ عقليٌّ؛ لأن النائم الشخص لا الليل.

ومنه قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (٤)} [الفجر/ ٤]؛ لأنه مسرى فيه.

ومثال إسناد الفعل إلى ظرفه المكاني مجازًا عقليًا قولهم: "نهر جار" لأن الأصل جرى الماء في النهر، فالفعل الجريان، والفاعل الماء، ومكان الفعل النهر، فحذف الفاعل الذي هو الماء، وأسند الفعل الذي هو الجريان إلى المكان الذي هو النهر، فقيل "جرى النهر"، وهذا هو معنى كونه مجازًا، ثم سبك من الفعل اسم فاعل فقيل: "نهر جار" بالإسناد إلى ضمير النهر مجازًا عقليًّا؛ لأن الجريان لغيره وهو الماء.

ومنه قوله تعالى: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢)} [الزلزلة/ ٢]؛ لأن الأصل: أخرج اللَّه الأثقال من الأرض، فالفعل الإخراج، والفاعل اللَّه، والأرض مكان الإخراج، فأسند الفعل إلى مكانه مجازًا عقليًّا لملابسة بين الفعل ومكانه وهي وقوعه فيه.

ومن هذا الإسناد العقلي الذي أسند فيه الفعل إلى مكانه قول الشاعر:

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأعناق المُطِيِّ الأباطحُ

لأنه شبه السير في غاية السرعة المشتملة على لين وسلاسة بسيلان

<<  <   >  >>