وإيضاحه بمثاله: أن الصوم مثلًا في اصطلاح التخاطب اللغوي هو كل إمساك، فيشمل الإمساك عن الكلام، كما قال تعالى حكاية عن مريم ابنة عمران:{إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا}[مريم/ ٢٦] أي إمساكًا عن الكلام، بدليل قوله حكاية عنها: {فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)} [مريم/ ٢٦]، ويشمل الإمساك عن الجري مثلًا، كقول النابغة:
خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
فقوله:"خيل صيام" أي ممسكة عن الجري، وقوله:"وخيل غير صائمة" أي غير ممسكة عنه. ومنه قول امرئ القيس:
كأن الثريا علقت في مَصامِها ... بأمراس كتان إلى صم جندل
فقوله:"في مصامها" أي مكان صومها، أي إمساكها عن الحركة.
فكل إمساكٍ صومٌ لغةً، وفي التخاطب الشرعي يستعمل الصوم في إمساك مخصوص، وهو إمساك البطن والفرج عن شهوتيهما من الفجر إلى الغروب؛ فاستعمال الصوم في الإمساك عن الكلام والجري مثلًا مجاز شرعي وحقيقة لغوية، واختصاص الصوم بإمساك البطن والفرج عن الشهوة حقيقة شرعية ومجاز لغوي.
وعرَّف صاحب "مراقي السعود" الحقيقة الشرعية بقوله:
وما أفاد لاسمه النبي ... لا الوضع مطلقًا هو الشرعي