للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالمراد تشبيه تقديم الطعنات أو الأسنة عند اللقاء بالقرى، وهو تقديم الطعام للضيف، بجامع التضاد على سبيل الاستعارة التهكمية، واستعير اسم "القِرَى" لتقديم الطعنات أو الأسنة، واشتق من "القرى" "نقريهم" بمعنى نقدم لهم الطعنات أو الأسنة على طريق الاستعارة التبعية، وقرينتها نسبة الفعل الذي هو "نقريهم" إلى مفعوله الثاني الذي هو "لهذميات".

ومثال كون قرينة الاستعارة التبعية نسبة الفعل إلى المفعولين معًا قول الحريري:

وأقرى المسامع إما نطقت ... بيانًا يقود الحَرُونَ الشَّموسا

لأن وقوع "القرى" على كل من المسامع والبيان لا يصح على الحقيقة، فهو قرينة على المجاز الذي هو الاستعارة التبعية هنا، ووجه الاستعارة فيه واضح من الأمثلة التي ذكرنا.

فهذه الأمثلة الثلاثة الأخيرة حكمها في كون القرينة في التبعية نسبتها إلى المفعول؛ لأنه إما أن يكون المفعول الأول أو الثاني أو هما معًا.

ومثال كون قرينتها تعليقها بالمجرور قوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٤)} [الانشقاق/ ٢٤]؛ لأن ذكر المجرور الذي هو العذاب يدل على أن البشارة ليست بمعنى الإخبار بما يسر؛ إذ لا سرور ولا بشارة في العذاب، فعلم أن المراد استعارة الإخبار بما يسر للإخبار بما يحزن، والجامع التضاد على سبيل الاستعارة التهكمية، كما يأتي إيضاحه إن

<<  <   >  >>