شاء اللَّه في مبحث الاستعارة العنادية، واشتق الفعل الذي هو "فبشرهم" من المصدر، فكانت تبعية، وقرينتها تعلقها بالمجرور بعدها.
واعلم أن ما ذكرنا من كون مدار قرينة التبعية على نسبتها إلى الفاعل أو المفعول أو المجرور أمرٌ أغلبيٌّ، فلا ينافي أن تكون قرينتها غير ذلك، كما في قولك:"قتلت زيدًا"، بمعنى ضربته ضربًا شديدًا؛ لأن نسبة هذا القتل إلى فاعله ومفعوله حقيقة، فقرينة هذه التبعية ليست النسبة إلى الفاعل ولا المفعول ولا المجرور، فالمدار المذكور أغلبي لا لازم.
واعلم أن الشيخ يوسف السكاكي اختار رد الاستعارة التبعية إلى المكنية بجعل قرينة التبعية استعارة مكنية، وجعل نفس التبعية قرينة تلك المكنية.
وإيضاحه بمثاله: أنَّ "نطقت الحال" مثلًا عند القوم المراد به تشبيه الدلالة بالنطق، بجامع الإبانة والإيضاح، فحذف المشبه الذي هو الدلالة، وصرح بالمشبه به الذي هو النطق على سبيل الاستعارة المصرحة، ثم اشتق الفعل الذي هو "نطقت" من المصدر الذي هو "النطق" على سبيل الاستعارة التبعية، والحال المسندة إليها النطق هي قرينة هذه التبعية.
وأما اختيار السكاكي فهو أن لفظة "الحال" استعارة مكنية، لأن المراد عنده تشبيه الحال بإنسان ناطق، وأنها استعملت مرادًا بها إنسان ناطق بادعاء أنها هي هو لا شيء آخر، بدليل نسبة النطق إليها كما قدمنا