للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا نصر صحيحٌ من النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أنه لابد من قتال المسلمين واليهود حتى تكون عاقبة النصر والظفر للمؤمنين.

والمقاتلة بحسب الوضع اللغوي تقتضي وجود القتال من طائفتين مقتتلتين؛ لأن المفاعلة تقتضي الطرفين وضعًا، ومنه قوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: "تقاتلون اليهود"، [فدلَّ] على وجود جنسٍ مقاتَلٍ من اليهود، وذلك إنما يكون من طائفة متحدة الكلمة تحت طاعة أمير يقاتل بهم.

وذلك هو معنى دلالة الحديث على وجود دولة لهم في آخر الزمان، لأنهم لو كان دائمًا عليهم مضمون قوله تعالى: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا} [الأعراف/ ١٦٨] وكانوا متفرقين غير مجتمعين أبدًا تحت أمير على كلمةٍ واحدةٍ ما صح قتالهم مع المسلمين الذي نص عليه الرسول صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم في الحديث الصحيح.

فإذا حققت ذلك فاعلم أن دلالة الإشارة في اصطلاح الأصوليين هي دلالة اللفظ على معنى ليس مقصودًا منه بالأصل، بل بالتبع؛ لأن ذلك المعنى لازم للمعنى المقصود من اللفظ، كدلالة قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة/ ١٨٧] المُغَيَّى بغايةٍ هي تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، أعني قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} [البقرة/ ١٨٧] الآية = على صحة صوم من أصبح جنبًا؛ للزومه للمقصود به من جواز جماعهن ليلة الصيام إلى آخر جزء منها، بحيث لا يبقى بعد ذلك الجزء المجامَع فيه جزءٌ من الليل أصلًا حتى يغتسل فيه قبل النهار، فلزم جواز إصباحه

<<  <   >  >>