فالمقصود بلفظ النص المذكور إباحة الجماع في ليلة الصيام إلى انتهائها، ولم يقصد باللفظ صحة صوم من أصبح جنبًا؛ إلا أنها لازمة للمقصود باللفظ؛ لأنه إذا جاز له الجماع في جزء الليل الأخير الذي ليس بعده إلا النهار لزم كونه جنبًا في النهار، فدل بالإشارة على صحة صوم من أصبح جنبًا.
ومن دلالة الإشارة أخذ علي رضي اللَّه عنه كون أقل الحمل ستة أشهر من قوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف/ ١٥] مع قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمان/ ١٤] وقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}[البقرة/ ٢٣٣]؛ لأن ثلاثين شهرًا التي هي أمد الحمل والفصال إذا أسقط منها العامان اللذان هما أمد الفصال بأربعة وعشرين شهرًا بقي للحمل ستة أشهر هي باقي الثلاثين.
فإذا حققت ذلك فقوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم:"لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود" المقصود منه أن قتال اليهود والمسلمين واقعٌ لا محالة، إلا أن هذا المعنى المقصود بالنص يلزمه كون اليهود فئةً متحدة الكلمة، تحت إمارة أمير يقاتل بهم، وذلك هو معنى وجود حكومة منهم في آخر الزمان، دل عليها النص بالإشارة.
وكثيرًا ما يتعسر على بعض العصريين حقيقة الفرق بين دلالة الإشارة ودلالة الاقتضاء ودلالة الإيماء والتنبيه، وربما أشكل على بعض الحذاق الفرق بين هذه الدلالات على القول بأنها من المنطوق