للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحاصل تحرير المقام فيهما هو ما ستراه:

أما في آية: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون/ ٥ - ٦، المعارج/ ٢٩ - ٣٠] فإن بين قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وبين قوله: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} عمومًا وخصوصًا من وجهٍ يحصل التعارض بينهما في جمع الأختين بملك اليمين بحسب ما يظهر للناظر، وإلا فالقرآن ما نزل ليضرب بعضه بعضًا، ولا ليكذبه، بل نزل ليوافق بعضه بعضًا ويصدقه.

وقد تقرر عند الأصوليين أن النصين إذا كان بينهما عمومٌ وخصوصٌ من وجهٍ تعارضا في الصورة التي يجتمعان فيها، ووجب المصير إلى الترجيح، فإن رجّح أحدهما وجب العمل به إجماعًا. قال في "مراقي السعود":

وإن يك العموم من وجه ظهر ... فالحكم بالترجيح حتمًا معتبر

والعمل بالراجح إذا كان رجحانه قطعيًّا لا خلاف فيه بين العلماء، وكذا إذا كان ظنيًّا عند الجميع، إلا القاضي أبا بكر من المالكية، فالراجح رجحانًا ظنيًّا لا يجب العمل به عنده. قال في "مراقي السعود":

وعملٌ به أباه القاضي ... إذا به الظن يكون القاضي

وهو محجوج بالإجماع.

فإذا حققت ذلك فاعلم أن عموم {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} أرجح من عموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} من أربعة أوجه كلها كاف وحده

<<  <   >  >>