للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمجانبة التعطيل هي أن تثبت للَّه جل وعلا كل وصف أثبته لنفسه، أو أثبته له نبيه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم، إذ من الضروري أنه لا يصف اللَّه أعلم باللَّه من اللَّه، ولا من رسوله صلوات اللَّه وسلامه عليه وعلى آله وسلم، الذي لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم/ ٤] {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ} [البقرة/ ١٤٠] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (٨٧)} [النساء/ ٨٧] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (١٢٢)} [النساء/ ١٢٢].

ومجانبة التشبيه هي أن تعلم أن كل وصف أثبته اللَّه جل وعلا لنفسه، أو أثبته له نبيه صلى اللَّه عليه وآله وسلم، فهو ثابت له حقيقة على الوجه البالغ من كمال العلو والرفعة والشرف ما يقطع علائق المشابهة بينه وبين صفات المخلوقين {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى/ ١١] {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٧٤)} [النحل/ ٧٤] {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص/ ٤].

ومن المعلوم أن تغاير الموصوفين يلزمه تغاير صفاتهم، فإذا ثبت عند من ينكر بعض صفاته تعالى أنه جل شأنه ذاته مخالفة لسائر الذوات، فأي وجه لاستشكاله أنه موصوف بصفات مخالفة لسائر

صفات الحوادث، ومن العجيب أن من ينكر بعض الصفات مقر ببعضها مع عدم الفرق بين ما أنكره وما أقرَّ به.

فالمعتزلة مقرُّون بالصفات المعنوية في اصطلاح المتكلمين، وبالصفات السلبية في اصطلاحهم، وغيرهم مقرُّون بصفات المعاني التي تستلزم المعنويات، والجميع مقر بالصفات الجامعة وبصفات الأفعال التي اختلف فيها أهل الكلام، هل هي صفات ذاتية أو فعلية؟

<<  <   >  >>