كالرأفة والرحمة، وكل هذا التقسيم على اصطلاح المتكلمين، وإنما جئنا بتقسيم الصفات على اصطلاحهم لنبين خطأ المفرقين منهم بين صفاته جل وعلا بإثبات البعض ونفي البعض، وأنه لا فرق بينها البتة.
فصفات المعاني في اصطلاح المتكلمين هي الصفات الوجودية القائمة بالذات، والنافون لبعض الصفات يقرون بسبعة من المعاني، وهي القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام.
والمعتزلة منهم ينكرون هذه المعاني السبعة، ويثبتون لوازمها التي هي المعنويات، وهي في اصطلاح المتكلمين كونه تعالى قادرًا ومريدًا وعليمًا وحيًا وسميعًا وبصيرًا ومتكلمًا.
فالمعتزلة يقولون: هو قادر بذاته لا بقدرة قائمة بالذات، وهكذا. . . وهو فرار منهم من تعدد القديم، ومذهبهم ظاهر البطلان، لأن الوصف المشتق منه إذا عدم استحال الاشتقاق عقلًا ضرورة. قال في "مراقي السعود":
وعند فقد الوصف لا يشتق ... وأعوز المعتزليَّ الحقُّ
فكونه تعالى قادرًا الذي يعترف به المعتزلة -مثلًا- اسمُ فاعل من القدرة، واسم الفاعل إذا حللته انحل إلى ذاتٍ متصفةٍ بالمصدر، فإذا لم يقم المصدر بالذات استحال كونها فاعلة ضرورة، فالضارب مثلًا ذات اتصفت بوقوع الضرب منها. والأسود مثلًا ذات اتصفت بالسواد. فإذا لم يحصل في الذات ضرب ولا سواد استحال كونها ضاربة أو سوداء بغير ضرب ولا سواد.