ضديهما بواسطة مقدمة عقلية، بخلاف سلب القدم والبقاء ضديهما فبأصل الوضع؛ إذ سلب ضديهما بهما هو المعنى المدلوك عليه بالمطابقة.
وإيضاحه أنهم يقولون: إن مادة القاف والدال والراء من لفظ القدرة تدل بأصل الوضح على معنى وجودي قائم بالذات، يتأتى به إيجاد الممكنات وإعدامها على وفق الإرادة، لكن إذا تعقلت النفس قيام هذا المعنى الوجودي الذي هو القدرة مثلًا بالذات، تعقلت انتفاء العجز عنها بواسطة مقدمة عقلية، وهي استحالة اجتماع الضدين، فقيام القدرة مثلًا بالذات يلزمه انتفاء العجز عنها ضرورةً؛ لاستحالة اجتماع الضدين عقلًا، فسلب القدرة للعجز مثلًا لا بأصل الوضح، بل من حيث إن القدرة التي هي المعنى الوجودي القائم بالذات يلزم من وجودها انتفاء العجز؛ لاستحالة اجتماع الضدين عقلًا، بخلاف القدم مثلًا فسلبه للحدوث الذي هو ضده إنما هو بأصل الوضع؛ لأن معنى القدم عندهم هو انتفاء الحدوث، ولا تدل مادة القاف والدال والميم من لفظ القدم على معنى وجودي، بل معناه المطابقي نفي الحدوث عندهم، وقس على القدرة باقي المعاني، وعلى القدم باقي السلبيات.
فإذا عرفت كلامهم هذا فاعلم أن الصفات السلبية في اصطلاحهم جاء في القرآن العظيم وصف الخالق والمخلوق بها، فالقدم والبقاء اللذان أثبتهما المتكلمون للَّه تعالى، قائلين إنه أثبتهما لنفسه بقوله:{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ}[الحديد/ ٣] وصف اللَّه بهما الحادث في القرآن العظيم فقال: {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩)} [يس/ ٣٩] {تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ