تستلزم الجوهرية الفردية؛ لأن الجسم عندهم ما تألف من جوهرين فردين فصاعدًا، وإذا كان الإنسان والفرس مثلًا يشتركان في كون كل منهما جسمًا ناميًا حساسًا، ففصل الإنسان الذي انفصل به عن الفرس المشارك له فيما ذكر إنما هو الناطق، كما أن فصل الفرس الذي انفصل به عن الإنسان المشارك له فيما ذكر إنما هو الصاهل.
والغرض عندنا هنا إيضاح أن الصفة النفسية في اصطلاحهم مستلزمة للجنسية والنوعية استيعاب مباحث الجنس والفصل، فإذا حققت بما ذكرنا: أن الصفة النفسية في اصطلاحهم مستلزمة للجنسية والنوعية علمت أن إطلاقها في حق اللَّه الأحد الصمد جل وعلا فيه ما فيه، وأنه مضاد لما تضمنته "سورة الإخلاص" من توحيده تعالى في ذاته وصفاته جل شأنه، وتقدست أسماؤه، ولا إله غيره، فليس له نظير ولا شبيه حتى يدخل معه في جنس، أو يتميز عنه بفصل، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} [الشورى/ ١١].
ثم إذا حققت جميع ما قدمنا من أن كل صفة من الصفات على تقسيم المتكلمين لها، جاء في القرآن العظيم وصف الخالق والمخلوق بها، فاعلم أن الاستواء على العرش ونحوه من الصفات الثابتة في الكتاب والسنة، كاليدين كذلك، فإذا لم يشكل عليك قوله: {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥)} [الحج/ ٧٥] في وصفه لنفسه جل وعلا مع قوله: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (٢)} [الإنسان/ ٢] في وصف الإنسان، فكيف يشكل عليك قوله جل وعلا في وصف نفسه:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}