للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأعراف/ ٥٤] مع قوله في وصف المخلوق: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون/ ١٢٨]، {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ} [الزخرف/ ١٣]، {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود/ ٤٤]، وقوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح/ ١٠]؟ فأي فرق بين المقامين؟ وهلا قلتم في الاستواء واليد وغيرهما ما قلتم في السمع والبصر من أنهما ثابتان للَّه حقيقة، وللحوادث أيضًا حقيقة، مع أن الوصف الثابت له جل وعلا مخالف للوصف الثابت لغيره، كمخالفة ذاته جل وعلا لغيرها من ذوات الحوادث.

والفرق بين الصفات بإثبات البعض ونفى البعض لا وجه له البتة كما هو واضح مما كتبنا، والقائل به يقال له: ما لِبائك تَجُرُّ وبائي لا تَجُر؟ !

فتحصل أن المسلك الذي لا شك أنه الحق أن كل ما وصف اللَّه به نفسه جل وعلا، أو وصفه به نبيه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم نثبته له؛ إذ هو أعلم بنفسه منا، ورسوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم أعلم به منا، ولا يخطر في عقولنا أن ذلك الوصف الثابت للَّه يشابه صفات المخلوقين؛ لأن من أثبت للَّه ما وصف به نفسه، أو وصفه به نبيه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم معتقدًا تنزيهه جل وعلا عن مشابهة الخلق، سَلِمَ من ورطتي المعطيل والمَشبيه، ومن خطر في عقله أن الوصف الذي وصف اللَّه به نفسه جل وعلا، أو وصفه به نبيه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم مشابهٌ لصفات الحوادث، فحمله ذلك على نفيه بالتأويل، فقد ارتطم في ورطتي التشبيه والتعطيل؛ لأنه شَبَّه أولًا، فأَدَّاهُ

<<  <   >  >>