التشبيه إلى التعطيل، ولو أثبت للَّه ما أثبته لنفسه من صفات الكمال معتقدًا أن تلك الصفات بالغة من كمال العلو والرفعة والشرف ما يقطع علائق المشابهة بينها وبين صفات المخلوقين، لسلم من التشبيه والتعطيل واعتقد الحق.
ومن المعلوم أن هذه الصفات لو كان يقصد بها شيء آخر من المجازات التي يحملها عليها المؤولون لبادر صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم إلى بيانه؛ لأنه لا يجوز في حقه صلوات اللَّه عليه وسلامه تأخير البيان عن وقت الحاجة إليه، ولا سيما في العقائد، والمحققون من علماء الأصول ذكروا أن تأخيره صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم البيان عن وقت الحاجة لا يجوز في حقه، وشذت طائفة فجوزته، والجميع متفقون علي عدم وقوعه، والخلاف بينهم إنما هو في الجواز عقلًا، لا في الوقوع، كما هو مقرر في محله. قال في "مراقي السعود":
تأخر البيان عن وقت العمل ... وقوعه عند المجيز ما حصل
وقال في "المراقي" أيضًا في حدّ البيان:
تصيير مشكل من الجلي ... وهو واجب على النبي
إذا أريد فهمه وهو بما ... من الدليل مطلقًا يجلو العمى
وأيضا فالصفات التي أثبت اللَّه لنفسه جل وعلا أو أثبتها له من قال في شأنه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} [النجم/ ٣ - ٤] صلوات اللَّه عليه وسلامه، إثباتها له حق لا شك فيه؛ لأنَّ ما أخبر اللَّه أو رسوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أنه ثابت فثبوته حق لا سبيل إلى