للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشك فيه، وقد أطبق جميع العقلاء على أن لازم الحق حق، فالحق لا يلزمه الباطل أبدًا بإجماع العقلاء.

فادعاء النافين بعض صفاته جل وعلا، كالاستواء واليد وغيرهما مما جاء في الكتاب والسنة، مدعين أن إثباته له جل وعلا يلزمه مشابهة الحوادث واضح البطلان؛ لإقرارهم أن الاستواء واليد مثلًا أخبر اللَّه بهما، وهو صادق الخبر قطعًا، وكل العقلاء يقر بأن الصدق لا يلزمه الكذب أبدًا بحال.

وإيضاح ذلك المقام على مصطلحهم الكلامي: أن النافين لبعض الصفات يستدلون على نفيها بلزوم عقلي، إذا أفرغ في قالب اصطلاحهم يتبين أنهم استدلوا بقياس استثنائي مركب من شرطية متصلة لزومية استثنوا فيه نقيض التالي، فأنتجوا نقيض المقدم. وقد تقرر عندهم في المركب من متصلة لزومية أن استثناء نقيض التالي ينتج نقيض المقدم، واستثناء عين المقدم ينتج عين التالي؛ بلا عكس فيهما، فاستثناء عين التالي أو نقيض المقدم لا ينتجان لزومًا؛ لجواز أن يكون التالي أعم من المقدم، ولا يخفى أن وجود الأعم لا يستلزم وجود الأخص، ونفي الأخص لا يستلزم نفي الأعم، بخلاف العكس، أي فنفي الأعم يستلزم نفي الأخص، ووجود الأخص يستلزم وجود الأعم.

وقد تقرر عند جميع النظار من كلاميين ومناطقة وجدليين أن استنتاج عدم المقدم -الذي هو الملزوم- من عدم التالي -الذي هو اللازم- لا يصح إلا إذا كانت لازمية التالي للمقدم صحيحة، كما في

<<  <   >  >>