استنتاج عدم تعدد الآلهة من عدم فساد السموات والأرض في قوله تعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء/ ٢٢] أي: لكنهما لم تفسدا فيلزم منه أنه لم يكن فيهما آلهة غير اللَّه.
أما إذا كانت لازمية التالي للمقدم يعتقدها المستدل، وهي في نفس الأمر منفية، والربط منفك بين ما يظنه لازمًا وما يظنه ملزومًا، فاستنتاجه عدم شيء من عدم شيءآخر يظنه لازمًا له استنتاج باطلٌ، إذا كان ما ظنه لازمًا ليس بلازمٍ في نفس الأمر، كما لو ظن أن الإنسانية تلزم الحيوانية فقال: لو كان هذا حيوانًا لكان إنسانًا، لكنه غير إنسان. فأنتج به أنه غير حيوان، فهو استنتاج باطل؛ لجواز أن يكون حيوانًا غير إنسان، لأن ما ظنه من كون الإنسان لازمًا للحيوان باطل، فاستنتاجه عدم الحيوان من عدم الأنسان باطل؛ لجواز أن يكون حيوانًا غير إنسان، كالفرس مثلًا.
فإذا حققت هذا فاعلم أن قياسهم الذي استدلوا به على نفي بعض الصفات الذي قدمنا أنه قياس استثنائي مركب من شرطية متصلة لزومية استثنوا فيه نقيض التالي فيما يظهر لهم، فأنتجوا نقيض المقدم فيما يظهر لهم. ولا يخفى عليك أن استنتاج نقيض المقدم من نقيض التالي هو عين الاستدلال بنفي اللازم على نفي الملزوم.
صورته عندهم أن يقولوا مثلًا: لو كان تعالى مستويًا على عرشه لمكان مشابهًا للحوادث؛ لكنه لم يكن مشابهًا للحوادث، ينتج: فهو غير مستوٍ على العرش. وهكذا. . .، كقولهم: لو كان له يد لكان مشابهًا للحوادث، لكنه لم يكن مشابهًا للحوادث، ينتج: فهو لم تكن