للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بايعهما. ولو كانا مكرهين ما أثر ذلك، لأن واحدًا أو اثنين تنعقد البيعة بهما وتتم، ومن بايع بعد ذلك فهو لازم له، وهو مكره على ذلك شرعًا. ولو لم يبايعا ما أثر ذلك فيهما، ولا في بيعة الإمام (١) .

وأما من قال يد شلاء وأمر لا يتم، فذلك ظن من القائل أن طلحة أول من بايع، ولم يكن كذلك (٢) .

فإن قيل: فقد قال طلحة: ((بايعت واللج على قفي)) (٣) . قلنا: اخترع هذا الحديث من أراد أن يجعل في ((القفا)) لغة ((قفي)) كما يجعل في ((الهوى)) : ((هوي)) وتلك لغة هذيل لا قريش (٤) فكانت كذبة لم تدبر.

وأما قولهم ((يد شلاء)) لو صح فلا متعلق لهم فيه، فإن يدا شلت في وقاية رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم لها كل أمر، ويتوقى بها من كل


(١) القاضي ابن العربي يقرر هنا الحكم الشرعي في عقد البيعة، لا على أنه رأي له. وللإمام أبي بكر الباقلاني كلام سديد في (التمهيد) ص ٢٣١. وانظر ص ١٦٧ - ١٦٩ من كتاب (الإمامة والمفاضلة) لابن حزم المدرج في الجزء الرابع من كتابه (الفصل) .
(٢) وقد علمت أن أهل الكوفة يقولون إن الأشتر كان أول من بايع. ولو كانت يد طلحة هي الأولى في البيعة لكانت أعظم بركة، لأنها يد دافعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويد الأشتر لا تزال رطبة من دم إمامه الشهيد المبشر بالجنة.
(٣) أي: والسيف على قفاي، لحالة الإرهاب التي كانت سائدة على المدينة بعد مقتل أمير المؤمنين عثمان.
(٤) بل هي أبعد عن لغة قريش من لهجة هذيل، فقد قال ابن الأثير في النهاية (مادة لجج) أنها لغة طائية، يشددون ياء المتكلم.

<<  <   >  >>