للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مكروه (١) . وقد تم الأمر على وجهه، ونفذ القدر بعد ذلك على حكمه وجهل المبتدع ذلك فاخترع ما هو حجة عليه.

فإن قيل: بايعوه على أن يقتل قتلة عثمان. قلنا: هذا لا يصح في


(١) كان طلحة من العصابة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت يوم أحد حين انهزم المسلمون، فصبروا ولزموا. ورمى مالك بن زهير الجشمي بسهم يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان لا يخطئ رميه - فاتقاه طلحة بيده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك سبب الشلل في يده من خنصره. وأقبل رجل من بني عامر يجر رمحًا على فرس كميت أغر مدججًا من الحديد يصيح: أنا أبو ذات الودع دلوني على محمد. فضرب طلحة عرقوب فرسه، فاكتسعت. ثم تناول رمحه فلم يخطئ به عن حدقته، فخار كما يخور الثور، فما برح طلحة واضعًا رجله على خده حتى مات. قالت بنتاه - عائشة وأم إسحاق -: جرح أبونا يوم أحد أربعًا وعشرين جراحة في جميع جسده، وقد غلبه الغشي، وهو مع ذلك محتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كسرت رباعيتاه يرجع به القهقرى، كلما أدركه أحد من المشركين قاتل دونه حتى أسنده إلى الشعب. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأى طلحة: ((من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله)) رواه أبو نعيم الأصبهاني. وكان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد قال: ذاك يوم كان يوم طلحة. وسمع علي بن أبي طالب رجلًا يقول بعد يوم الجمل: ومن طلحة؟ فزبره علي وقال: إنك لم تشهد يوم أحد، لقد رأيته وإنه ليحترس بنفسه دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن السيوف لتغشاه وإن هو إلا جنة بنفسه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرج الحافظ ابن عساكر (٧: ٧٨) من طريق ابن مندة عن طلحة قال: سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد (طلحة الخير) ، وفي غزوة العسرة (طلحة الفياض) ويوم حنين (طلحة الجود) .

<<  <   >  >>