شرط البيعة، وإنما يبايعونه على الحكم بالحق، وهو أن يحضر الطالب للدم، ويحضر المطلوب، وتقع الدعوى، ويكون الجواب، وتقوم البينة، ويقع الحكم. فأما على الهجم عليه بما كان من قول مطلق، أو فعل غير محقق، أو سماع كلام، فليس ذلك في دين الإسلام (١) .
قالت العثمانية: تخلف عنه من الصحابة جماعة، منهم سعد بن أبي
(١) وانظر (التمهيد) للباقلاني ص ٢٣١ و ٢٣٥ و ٢٣٦: وحقيقة موقف علي من قتلة عثمان عند البيعة له كانوا هم المسئولين على زمام الأمر في المدينة وفي حالة الإرهاب التي كانت سائدة يومئذ لم يكن في استطاعة علي ولا غيره أن يقف منهم مثل موقف الصحابة من عبيد الله بن عمر لما قتل الهرمزان. مع الفارق العظيم بين دم أمير المؤمنين الخليفة الراشد، والأسير الحربي المجوسي الذي قال إنه أسلم بعد وقوعه في الأسر. ولما انتقل علي من المدينة إلى العراق ليكون على مقربة من الشام انتقل معه قتلة عثمان ولا سيما أهل البصرة والكوفة منهم، فلما صاروا في بصرتهم وكوفتهم في معقل قوتهم وعنجهية قبائلهم، ولا شك أن عليًّا أعلن البراءة منهم وأراد أن يتفق مع أصحاب الجمل على ما يمكن الاتفاق عليه في هذا الشأن، فأنشب قتلة عثمان القتال بين معسكر علي ومعسكر أصحاب الجمل، وتمكن أصحاب الجمل من قتل البصريين من قتلة عثمان إلا واحدا من بني سعد بن زيد مناة بن تميم حمته قبيلته، فلما اتسعت الأمور وسفكت الدماء كان علي في موقف يحتاج فيه إلى بأس هؤلاء المعروفين بأنهم من قتلة عثمان وفي مقدمتهم الأشتر وأمثاله، وأن كثيرين منهم انقلبوا على علي بعد ذلك وخرجوا عليه معتقدين كفره. ويقول علماء السنة والمؤرخون: إن الله كان بالمرصاد لقتلة عثمان، فانتقم منهم بالقتل والنكال واحدًا بعد واحد، حتى الذين طال بهم العمر إلى زمن الحجاج كانت عاقبتهم سفك دمائهم جزاء بما قدمت أيديهم والله أعدل الحاكمين.