للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو تسعين ألفا ونزلوا على الفرات بصفين، اقتتلوا في أول يوم - وهو الثلاثاء - على الماء فغلب أهل العراق عليه (١) .

ثم التقوا يوم الأربعاء لسبع خلون من صفر سنة [سبع وثلاثين] ويوم الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت (٢) ورفعت المصاحف من أهل الشام، ودعوا إلى الصلح، وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعويين بالحق، فكان من جهة علي أبو موسى (٣) ومن جهة معاوية عمرو بن العاص.


(١) لم يكن القتال على الماء جديا، وقد قال عمرو بن العاص يومئذ: "ليس من النصف أن نكون ريانين وهم عطاش". والذين تظاهروا في الجيش الشامي بمنع العراقيين عن الماء أرادوا أن يذكروهم بمنع الماء عن أمير المؤمنين عثمان في عاصمة خلافته وهو الذي اشترى بئر رومة من ماله ليستقي منه إخوانه المسلمون وبعد اشتراكهم في الماء تناوشوا شهر ذي الحجة من سنة ٣٦ ثم تهادنوا شهر المحرم من سنه ٣٧، ووقعت وقائع شهر صفر التي سيشير إليها المؤلف.
(٢) وكانت تسمى ((ليلة الهرير)) اقتتل الناس فيها حتى الصباح.
(٣) وكان آخر العهد بأبي موسى عندما كان واليًا على الكوفة، وجاء دعاة علي يحرضون الكوفيين على لبس السلاح والالتحاق بجيش علي استعدادًا لما يريدونه من قتال مع أصحاب الجمل في البصرة، ثم مع أنصار معاوية في الشام. فكان أبو موسى يشفق على دماء المسلمين أن تسفك بتحريض الغلاة، ويذكر أمة محمد صلى الله عليه وسلم بقول نبيهم في الفتنة ((القاعد فيها خير من القائم)) فتركه الأشتر يحدث الناس في المسجد بالحديث النبوي، وأسرع إلى دار الإمارة فاحتلها. فلما عاد إليها أبو موسى منعه الأشتر من الدخول وقال له: اعتزل إمارتنا. فاعتزلهم أبو موسى واختار الإقامة في قرية يقال لها عُرْض بعيدًا عن الفتن وسفك الدماء. فلما شبع الناس من سفك الدماء واقتنعوا بأن أبا موسى كان ناصحًا في نهيهم عن القتال طلبوا من علي أن يكون أبو موسى هو ممثل العراق في أمر التحكيم، لأن الحالة التي كان يدعو إليها هي التي فيها الصلاح فأرسلوا إلى أبي موسى وجاءوا به من عزلته.

<<  <   >  >>