(٢) أذرح: قرية من أعمال الشراة تقع في منطقة بين أراضي شرقي الأردن والمملكة السعودية في الأطراف الجنوبية من بادية الشام. (٣) من الحقائق ما إذا أسيء التعبير عنه وشابته شوائب المغالطة يوهم غير الحقيقة فينشأ عن ذلك الاختلاف في الحكم عليه. ومن ذلك حادثة التحكيم وقول المغالطين إن أبا موسى وعمرًا اتفقا على خلع الرجلين، فخلعهما أبو موسى، واكتفى عمرو بخلع علي دون معاوية. وأصل المغالطة من تجاهل المغالطين أن معاوية لم يكن خليفة، ولا هو ادعى الخلافة يومئذ حتى يحتاج عمرو إلى خلعها عنه. بل إن أبا موسى وعمرًا اتفقا على أن يعهدا بأمر الخلافة على المسلمين إلى الموجودين على قيد الحياة من أعيان الصحابة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم. واتفاق الحكمين على ذلك لا يتناول معاوية لأنه لم يكن خليفة ولم يقاتل على الخلافة وإنما كان يطالب بإقامة الحد الشرعي على الذين اشتركوا في قتل عثمان. فلما وقع التحكيم على إمامة المسلمين، واتفق الحكمان على ترك النظر فيها إلى كبار الصحابة وأعيانهم تناول التحكيم شيئًا واحدًا هو الإمامة. أما التصرف العملي في إرادة البلاد التي كانت تحت يد كل من الرجلين المتحاربين فبقي كما كان: علي متصرف في البلاد التي تحت حكمه، ومعاوية متصرف في البلاد التي تحت حكمه، فالتحكيم لم يقع فيه خداع ولا مكر، ولم تتخلله بلاهة ولا غفلة. وكان يكون محلا للمكر أو الغفلة لو أن عمرًا أعلن في نتيجة التحكيم أنه ولى معاوية إمارة المؤمنين وخلافة المسلمين، وهذا ما لم يعلنه عمرو، ولا ادعاه معاوية، ولم يقل به أحد في الثلاثة عشر قرنًا الماضية. وخلافة معاوية لم تبدأ إلا بعد الصلح مع الحسن بن علي، وقد تمت بمبايعة الحسن لمعاوية، ومن ذلك اليوم فقط سمي معاوية أمير المؤمنين. فعمرو لم يغالط أبا موسى ولم يخدعه، لأنه لم يعط معاوية شيئًا جديدًا، ولم يقرر في التحكيم غير الذي قرره أبو موسى. ولم يخرج عما اتفقا عليه معًا، فبقيت العراق والحجاز وما يتبعهما تحت يد من كانت تحت يده من قبل، وبقيت الشام وما يتبعها تحت يد من كانت تحت يده من قبل، وتعلقت الإمامة بما سيكون من اتفاق أعيان الصحابة عليها، وأي ذنب لعمرو في أي شيء مما وقع؟ إن البلاهة لم تكن من أبي موسى، ولكن ممن يريد أن يفهم الوقائع على غير ما وقعت عليه. فليفهمها كل من شاء كما يشاء. أما هي فظاهرة واضحة لكل من يراها كما هي.