للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: فقد قال العباس في علي ما رواه الأئمة أن العباس وعليًّا اختصما عند عمر في شأن أوقاف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال العباس لعمر: يا أمير المؤمنين، أقض بيني وبين هذا الظالم الكاذب الآثم الجائر (١) . فقال الرهط لعمر: يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر. فقال عمر: أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا نورث، ما تركنا صدقة» يريد بذلك نفسه؟ قالوا: قد قال ذلك. فأقبل على العباس وعلي فقال: أنشدكما الله، هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك؟ قالا: نعم. قال عمر: إن الله خص رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدًا غيره، فعمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته، ثم توفي، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها سنتين في إمارته فعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) تقدم في ص ٤٩ - ٥٠ ذكر هذه التقاضي بين العباس وعلي عند أمير المؤمنين عمر من حديث مالك بن أوس بن الحدثان النصري في صحيح البخاري. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ك ٥٧ ب ١ - ج ٦ ص ١٢٥) : زاد شعيب ويونس: " فاستب علي وعباس " وفي رواية عقيل عن ابن شهاب في الفرائض: " اقض بيني وبين هذا الظالم. استبا " وفي رواية جويرية " وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن " وقال الحافظ: ولم أر في شيء من الطرق أنه صدر من علي في حق العباس شيء، بخلاف ما يفهم من قوله في رواية عقيل " استبا ". واستصوب المازري صنيع من حذف هذه الألفاظ من هذا الحديث وقال: لعل الرواة وهم فيها وإن كانت محفوظة، فأجود ما تحمل عليه أن العباس قالها دلالا على علي، لأنه كان عنده بمنزلة الولد، فأراد ردعه عما يعتقد أنه مخطئ فيه.

<<  <   >  >>