للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنتما تزعمان أن أبا بكر كاذب غادر خائن (١) والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق. . . وذكر الحديث.

قلنا: أما قول العباس لعلي فقول الأب للابن، وذلك على الرأي محمول، وفي سبيل المغفرة مبذول، وبين الكبار والصغار - فكيف الآباء والأبناء - مغفور موصول، وأما قول عمر أنهما اعتقدا أن أبا بكر ظالم خائن غادر، فإنما ذلك خبر عن الاختلاف في نازلة وقعت من الأحكام، رأى فيها هذا رأيا ورأى فيها أولئك رأيا، فحكم أبو بكر وعمر بما رأيا، ولم ير العباس وعلي ذلك. ولكن لما حكما سلما لحكمهما كما يسلم لحكم القاضي في المختلف فيه. وأما المحكوم عليه فرأى أنه قد وهم، ولكن سكت وسلم.

فإن قيل: إنما يكون ذلك في أول الحال - والأمر لم يظهر - إذ كان الحكم باجتهاد، وأما [بعد أن] أدى هذا الحكم إلى منع فاطمة والعباس الميراث بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نورث ما تركناه صدقة» وعلمه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه العشرة وشهدوا به، فبطل ما قلتموه (٢) .

قلنا: يحتمل أن يكون ذلك في أول الحال - والأمر لم يظهر بعد - فرأيا أن خبر الواحد في معارضة القرآن والأصول والحكم المشهور في الزمن لا يعمل به حتى يتقرر الأمر، فلما تقرر سلما وانقادا، بدليل ما قدمنا من


(١) قال الحافظ ابن حجر (٦: ١٢٥) : وكان الزهري يحدث به تارة فيصرح، وتارة فيكني، وكذلك مالك، وقد حذف ذلك في رواية بشر بن عمر عنه عند الإسماعيلي وغيره، وهو نظير ما سبق من قول العباس لعلي. . . إلخ.
(٢) انظر ص ٤٨ - ٥١.

<<  <   >  >>