للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: " مه، سبحان الله، وما أسرع الناس إلى قريش بالشر. لا أسمع هذه المقالة من أحد بعد اليوم ". ثم نزل.

فقال الناس: بايعوا. ويقولون هم: لم نبايع. ويقول الناس: قد بايعتم.

وروى وهب من طريق آخر قال: خطب معاوية فذكر ابن عمر فقال: " والله ليبايعن أو لأقتلنه ". فخرج عبد الله بن عبد الله بن عمر إلى أبيه وسار إلى مكة ثلاثًا وأخبره (١) فبكى ابن عمر. فبلغ الخبر إلى عبد الله بن صفوان، فدخل على ابن عمر فقال: أخطب هذا بكذا؟ قال: نعم. قال فما تريد، أتريد قتاله؟ قال: يا ابن صفوان، الصبر خير من ذلك. فقال ابن صفوان: والله لو أراد ذلك لأُقَاتِلَنَّهُ (٢) . فقدم معاوية مكة فنزل ذا طوى، وخرج إليه عبد الله بن صفوان فقال: أنت تزعم أنك تقتل


(١) هذا الخبر عن وهب بن جرير بن حازم يشعر بأن معاوية خطب هذه الخطبة وهو في المدينة قادما إليها من دمشق قبل أن يصل إلى مكة، وأن ابن عمر كان يومئذ في مكة فركب إليه ابنه حتى لقيه بمكة وأخبره بهذه الخطبة. وفي الخبر الذي قبل هذا - وهو مروي عن وهب بن جرير بن حازم أيضا - التصريح بأن ابن عمر كان بالمدينة عند وصول معاوية إليها من دمشق، وأنه كان مع الأعيان الذين خرجوا لاستقباله. فالخبران متناقضان يكذب أحدهما الآخر مع أنهما عن راوٍ واحد. ولا أدري من أين جاء بهما المؤلف؟ ولم ينقلهما الطبري مع أنه يعتني بأخبار وهب بن جرير لأنه ثقة، ووهب مات سنة ٢٠٦ وأبوه سنة ١٧٠ بعد أن اختلط، فبينهما وبين هذه الحوادث رواة آخرون، وبينهما وبين الطبري وغيره من المؤرخين رواة كثيرون. وأعتقد أن هذه الأخبار غير صحيحة لتناقضها، ولو عرفنا رواتها إلى وهب وبعد وهب لعرفنا من أين جاء الكذب.
(٢) عبد الله بن صفوان حفيد أمية بن خلف الجمحي. قتل مع ابن الزبير سنة ٧٣.

<<  <   >  >>