للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله، وإنا والله لا نفعل. والله لَتَرُدَّنَّ هذا الأمر شورى في المسلمين أو لتفرنها عليك جذعة (١) " ثم وثب فقام. فقال معاوية: " اللهم اكففه بما شئت ". ثم قال: " على رسلك أيها الرجل، لا تشرفن لأهل الشام، فإني أخاف أن يسبقوني بنفسك، حتى أخبر العشية أنك قد بايعت، ثم كن بعد ذلك على ما بدا لك من أمرك ".

ثم أرسل إلى ابن الزبير فقال: " يا ابن الزبير، إنما أنت ثعلب رواغ كلما خرج من جحر دخل في آخر، وإنك عمدت إلى هذين الرجلين فنفخت في مناخرهما. فقال ابن الزبير: إن كنت قد مللت الإمارة فاعتزلها، وهلم ابنك فلنبايعه. أرأيت إذا بايعت ابنك معك لأيكما نسمع، لأيكما نطيع؟ لا تجتمع البيعة لكما أبدا " (٢) . ثم قام.

فخرج معاوية فصعد المنبر فقال: إنا وجدنا أحاديث الناس ذات عوار. وزعموا أن ابن عمر وابن الزبير وابن أبي بكر لم يبايعوا ليزيد قد سمعوا وأطاعوا وبايعوا له.

فقال أهل الشام: لا والله: لا نرضى حتى يبايعوا على رءوس الأشهاد، وإلا ضربنا أعناقهم.


(١) أي لتنكشفن عليك الفتنة في أشد حالاتها. ويلاحظ أن الذين انتحلوا هذه الأقوال في الاستطالة على معاوية لم يطعنوا في كفاءة يزيد وأهليته لأنها آخر ما يرتابون فيه.
(٢) ابن الزبير أذكى من أن يفوته أن البيعة ليزيد بعد معاوية، وليست لهما معا في حياة معاوية. والذين اخترعوا هذه الأخبار وأضافوها إلى وهب بن جرير بن حازم يكذبون كذبا مفضوحا.

<<  <   >  >>