ارتحل، فقدم مكة فقضى طوافه، ودخل منزله، فبعث إلى ابن عمر، فتشهد وقال:" أما بعد يا ابن عمر، فقد كنت تحدثني أنك لا تحب أن تبيت ليلة سوداء ليس عليك أمير. وإني أحذرك أن تشق عصا المسلمين، وأن تسعى في فساد ذات بينهم ". فلما سكت تكلم ابن عمر فحمد الله واثنى عليه ثم قال:" أما بعد فإنه قد كانت قبلك خلفاء لهم أبناء ليس ابنك بخير منهم، فلم يروا في أبنائهم ما رأيت في ابنك، ولكنهم اختاروا للمسلمين حيث علموا الخيار. وإنك تحذرني أن أشق عصا المسلمين، ولم أكن لأفعل، وإنما أنا رجل من المسلمين، فإذا اجتمعوا على أمر فإنما أنا واحد منهم ". فخرج ابن عمر (١) .
وأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فتشهد ثم أخذ في الكلام فقطع عليه كلامه، فقال: " إنك والله لوددت أنا وكلناك في أمر ابنك إلى
(١) هذا الخبر معارض بما في كتاب المغازي من صحيح البخاري (ك ٦٤ ب ٢٩ - ج ٥ ص ٤٨) عن ابن عمر أن أخته أم المؤمنين حفصة نصحت له بأن يسرع بالذهاب للبيعة وقالت: " الحق، فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة "، وانظر ص ٢٢٣.