للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذهب ثلاثة أرباعك، فلما جاء زياد قال له: إني أراك صبيح الوجه، وإني لأرجو أن لا يفضح الله على يديك رجلاً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

وأما خطبته التى ذكروا أنه عجب منها عمرو، فما كان عنده فضل علم ولا فصاحة يفوق بها عمراً فمن فوقه أو دونه. وقد أدخل له الشيخ المفتري (١) . خطباً ليست في الحد المذكور.

وأما قولهم إن أبا سفيان اعترف به، وقال شعرا فيه، فلا يرتاب ذو تحصيل في أن أبا سفيان لو اعترف به في حياة عمر لم يخف شيئاً، لأن الحال لم يكن يخلو من أحد قسمين: إما أن يرى عمر إلاطته به (٢) كما روي عنه في غيره فيمضي ذلك، أو يرد ذلك فلا يلزم أبا سفيان شيء باقتراف ما كان في الجاهلية. فذكرهم هذه الحكاية المخترعة الباردة المتهافتة الخارجة عن حد الدين والتحصيل لا معنى له.

وأما تولية علي له فتزكية.

وأما بعث معاوية إليه ليكون معه فصحيح في الجملة. وأما تفصيل ما كتب معاوية، أو كتب زياد به إلى علي، أو جاوب به علي زياداً، فهذا كله مصنوع.

وأما قول علي " إنما كانت من أبي سفيان فلتة [زمن عمر] لا تستحق بها نسبا " فلو صح لكان ذلك شهادة، كما روي عن زياد، ولم يكن ذلك بمبطل لما فعله معاوية، لأنها مسألة اجتهاد بين العلماء: فرأى علي شيئاً، ورأى معاوية وغيره غيره.


(١) لعله يريد الجاحظ، وأعظم خطب زياد التي أوردها له في (البيان والتبيين) خطبته التي تسمى (البتراء) وهي في أوائل الجزء الثاني.
(٢) أي إلحاقه وإلصاقه.

<<  <   >  >>